كيف تكتب ملف تعريفي بجودة عالية؟

بديهياً نحن نكتب لإنسان يمتلك عاطفة وعقل سواء كان نموذج العمل يستهدف الشركات (B2B) أو للمستهلكين بصورة مباشرة (B2C) لذلك لا ينبغي أن نعرّف الشركة أو نجيب على سؤال ” من نحن ” بأسلوب تقليدي أو مستهلك ولكن تكمن العبقرية والجودة في البحث ودراسة القصة التي نستطيع أن نرويها من خلال فهمنا لتفاصيل المشروع تمكّننا من تجسيد شخصية المشروع بقصة عاطفية ومنطق ما بين السطور؛ هذا الأسلوب تأثيره ذا جدوى أفضل من مفردات وكلمات أو حتى عبارات نعيد توظيفها لتعريف شخصية الشركة، وكاتب المحتوى الاستثنائي هو من يتمكّن من خلق أسلوب متفرّد خاص به.

وإن كان من المفترض أن أبدأ بهذه النقطة أولاً لكن أهمية دور القصة أجدها ركيزة جوهرية لتقديم ملف تعريفي بجودة عالية؛ ركّز بالتفاصيل الثانوية قبل الأساسية!
فهم المشروع بشكل كامل يتيح لنا رؤية الأمور والتفكير من زاويتين:
– زاوية كاتب المحتوى في إيصال الرسالة بحسب متطلبات العميل فمنهم من يبحث عن اللغة النخبوية والتي تستهدف النخب من المستهلكين فيجب تضمين مفردات لا أقول بالضرورة أكاديمية ولكن غير شعبوية أو غير متداولة بين العامة والخيار الآخر هو البساطة وعدم التعقيد ولا تميل إلى السطحية أبداً أو لغة سوقية وبدائية حتى لا تعكس اللغة شخصية المشروع المائلة نحو الضعف والركاكة؛ فالمحتوى هو واجهة الشركة وهو الملك بطبيعة الحال، وإن كان هذا المعيار يحدد من قبل العميل بالدرجة الأولى لكن دور الكاتب الحذق والنبيه هو في توعية العميل بوجهة نظره وتقديم اقتراحات مختلفة تساهم في إخراج العمل بجودة عالية.
– زاوية المستهلك في فهمه للمشروع والوظيفة الأساسية لكتابة المحتوى هي في القدرة التي نستطيع فيها أن نفكّر بعقل المستهلك وهذه المهمة في ظاهرها البساطة ولكن في باطنها المشقّة في دراسة الفئة المستهدفة وسلوكهم من حيث التلاعب بالمفردات بحسب المعطيات؛ مشروع تطوير عقاري مثلاً يستهدف فيه الأشخاص ذوي الملاءة المالية ورصيدهم البنكي لا يقل عن مليون ريال وفي هذه الحالة وبناءً على هذه المعلومة نستطيع تخمين الآتي: نستهدف المتعلمين (الجامعيين) ومن يعملون بشركات كبيرة أو رجال أعمال، يتحدثون اللغة الإنجليزية وفئتهم العمرية من 28-73 سنة وغيرها من التفاصيل وبالتالي لغة المحتوى يجب أن تكون رصينة، محكمة ومباشرة.
يختلف الأمر عن مشروع تقني يقدّم خدمات تصميم المواقع بتكلفة إجمالية 3000 ريال مثلاً ولذلك فإن الحصول على جودة عالية في كتابة المحتوى تتطلّب فهم عميق لزاوية المستهلك وزاوية الفئة المستهدفة.
فيما بعد وهي المرحلة التي نطرح من خلالها مزيد من الأسئلة مثل: هل المحتوى مقنع بما فيه الكفاية لجذب الانتباه والقدرة على التأثير العاطفي والمنطقي؟ هل المحتوى يعكس فلسفة المشروع بطريقة توحي بالفخامة وأنهم يعملون بجودة عالية؟ هل المحتوى قابل للفهم من زاوية المستهلك فليس هو بالصعب المنفّر من الكلمات الصعبة أو بسيط جداً يلمّح بعدم الاحترافية؟


فرّق بين الرؤية والرسالة.
كاتب المحتوى ملتزم بمنهجية علمية في كتابة الملف التعريفي لكنه أيضاً ليس مقيّداً فيها وأعني بالتقييد هو تطبيق الفكرة وعدم الخروج عنها أبداً.
فالرؤية هي الفلسفة الشاملة والطموح العالي الذي تسعى إليها الشركة لتحقيقها في المستقبل البعيد أما الرسالة فهي التي توصف الفلسفة العامة للحاضر وكليهما تستهدفان المستهلكين عدا أن الرسالة توضح الفكرة بشكل أكبر للبيئة الداخلية على كافة مستوى الإدارات والموظفين بمختلف المراتب.
وحتى نبسط الموضوع فلنقارن بين صياغتين أحدهما للرؤية وأخرى للرسالة لنموذج عمل مطعم يقدم شاورما في الدمام (شرق السعودية)

الرؤية الأولى وهي الدارجة عند كتّاب المحتوى: نطمح للوصول إلى العالمية.
الرؤية الثانية وهي المرونة في توظيف المحتوى بما يخدم وظيفتها الأساسية: نسعى لإعادة ابتكار شاورما تنافس السوق الشرق الأوسطي.   
الفرق بينهم أن الأولى ضبابية وقد تبدو الرؤية واضحة من حيث النمو والتوسع إلا إنها غير قابلة للقياس خلال الخمس السنوات الأولى، بينما الثانية هي الرهان وهي الرؤية في الحثّ على تطوير وإعادة صناعة وتجديد النكهات بصورة قياسية قابلة للخوض في المنافسة المحلية ثم الإقليمية حتى الوصول إلى الشرق الأوسط والعالم العربي وبعدها يمكن التوسع إلى أبعد من ذلك؛ والجدير بالذكر أن الرؤية ينبغي أن تعاد تعريفها لحين تحققها من مؤشرات الأداء لرؤية أكثر واقعية وعملية وقد يتغير نموذج العمل لظروف قاهرة أو في حالات مثل إعادة هيكلة الإدارة.


الرسالة الأولى: لسنا الوحيدين ولكننا الأفضل.
الرسالة الثانية: أفضل من يطبخ النكهات في شرق السعودية!
الأولى وإن كانت مستهلكة بالشكل المثير للشفقة والاشمئزاز إلا أن صياغتها توحي بالواقعية مثل رسالة شركة أفيس ” أفيس هي الشركة الثانية في تأجير السيارات ” في حين كانت الشركة الأولى والأكثر امتلاكاً للحصة السوقية هي شركة هيرتز؛ بالتالي صنعت شعار ” نحن نحاول بصعوبة ” أو
(WE Try Harder) ونفّذت حملة إعلانية شاسعة لتقبّل حقيقتهم في كونهم المركز الثاني والنتيجة بعد تلك الحملة أنها عوّضت خسائرها المقدرة ب 3.2 مليون دولار إلى ربح أكثر من 1.2 مليون دولار.
بينما الرسالة الثانية هي أكثر دقة ووضوحاً لفئتين رئيسيتين: البيئة الداخلية ومنهم الموظفين في تشرّب وفهم الرسالة التي يبنى عليها المطعم وهي نقطة التفرد والميزة التنافسية والفئة الأخرى للعملاء والمستهلكين.

كن بسيطاً في شرحك للخدمات أو المنتجات
تأتي المعضلة في شرح الخدمات بأسلوب يفهم للمتخصصين دون سواهم، نعم التلاعب بالألفاظ ضرورة لكن في المقام الأول كُتب الملف التعريفي لغايتين اثنين: إما استعراضها للعملاء أو المستثمرين في حال الرغبة بالحصول على الاستثمار ولذلك البساطة في شرح ما تبيعه يبدأ أولاً بقدرتك على كتابتها بصورة قابلة للفهم من أول مرة ودون الحاجة للإسهاب في خوض تفاصيلها إلا في حالة واحدة فقط وهي أن فئتك المستهدفة هم فعلاً من المتخصصين ومن النخب القادرين على فهم واستيعاب الفكرة منذ البداية.

وضّح نقاط قوتك
من خلال التلميح تارة والتصريح تارة أخرى فيما أنت مميّز فيه وما يجعلك تراهن على تفوّقك على غيرك من المنافسين لاسيما إن كان نموذج العمل شائع ومتداول بكثرة وكما هو معروف بالمصطلح الإداري (المحيط الأحمر) ولذلك توضيح نقاط القوة والقيم المضافة والميزة التنافسية هم وسائل تأثير مثالية لا ينبغي أن تفرّط بهم أبداً.

صمّم بجودة عالية
يأتي التصميم في مرحلته النهائية لاستعراض الجانب المرئي والبصري للخدمات أو المنتجات وأيضاً لأبرز العملاء وشركاء النجاح الذين تم خدمتهم وكذلك في المشاريع المنجزة، ومالم يكن التصميم بجودة عالية فالملف حينها سيكون باعثاً للملل ويوصل رسالة مفادها أن الملف التعريفي الذي بين يدي القارئ هو أفضل ما لديك من الجودة التي يمكنك تقديم نفسك بها.

في الختام..
الملف التعريفي هو أكثر من مجرد ملف تستعرض فيه هويتك التجارية وفلسفتك الإدارية وشخصيتك الحقيقية الكامنة في ذكاء انتقائك للمفردات وحسن توظيفك للقصة الملهمة التي تستطيع من خلالها تجسيد انطباع فعّال يوحي بالاحترافية.




رد واحد على “كيف تكتب ملف تعريفي بجودة عالية؟”

  1. صورة أفاتار
    غير معروف

    مجهود أقل ما يستحقه هو أن يشكر 🤍

    إعجاب

أضف تعليق